الجمعة، 8 نوفمبر 2013

ما هي الأوصاف التي يُنادى بها على الكافر؟ وهل يجوز قول "أخي" و "سيدي "صديقى

س :ما هي الأوصاف التي يُنادى بها على الكافر؟ وهل يجوز قول "أخي" و "سيدي "صديقى "؟
.
ج - لا يجوز مخاطبة الكافر بالألفاظ الشرعية الخاصة بالمسلمين ، كلفظ " أخي " ، ولا بالألفاظ التي فيها إظهار المودة كلفظ " صديقي " ، ولا الألفاظ التي نهينا عن مخاطبة الكفار بها ، كلفظ " سيِّد " .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : 
عن حكم قول : " أخي " لغير المسلم ؟ وكذلك قول : " صديق " و " رفيق " ؟ وحكم الضحك إلى الكفار لطلب المودة ؟ .: 
ج :"أما قول : " يا أخي " لغير المسلم : فهذا حرام ، ولا يجوز ، إلا أن يكون أخاً له من النسب ، أو الرضاع ؛ وذلك لأنه إذا انتفت أخوة النسب والرضاع : لم يبق إلا أخوَّة الدين ، والكافر ليس أخاً للمؤمن في دينه ، وتذكر قول نبي الله تعالى نوح : (رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) .
وأما قول : "صديق " ، " رفيق " ، ونحوهما : فإذا كانت كلمة عابرة يقصد بها نداء من جهل اسمه منهم : فهذا لا بأس به ، وإن قصد بها معناها تودداً وتقربّاً منهم : فقد قال الله تعالى : (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) ، فكل كلمات التلطف التي يقصد بها الموادة : لا يجوز للمؤمن أن يخاطب بها أحداً من الكفار .
وكذلك الضحك إليهم لطلب الموادة بيننا وبينهم : لا يجوز ، كما علمت من الآية الكريمة" انتهى . "مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 3 / 42 ، 43 ) . 
*- وأما النهي عن قول "سيد" ، أو "سيدي" لأحدٍ من الكفار : فقد جاء ذلك في نص صحيح . عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (لاَ تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدٌ ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ) . رواه أبو داود ( 4977 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود 
وإذا كان هذا الحكم في المنافق فالكا فر مثله ، وقد جعل النووي رحمه الله هذا الحكم شاملاً للفاسق ، والظالم ، والمبتدع ، فقد بوَّب في كتابه "رياض الصالحين" ، فقال : "باب النهي عن مخاطبة الفاسق والمبتدع ونحوهما بـ "سيِّد" ، ونحوه " .
*وقال ابن القيم رحمه الله تحت فصل "خطاب الكتابي بسيدي ومولاي" 
"وأما أن يُخاطب بـ "سيدنا" ، و "مولانا" ، ونحو ذلك : فحرام قطعاً ، وفي الحديث المرفوع : (لا تقولوا للمنافق : سيدنا ، فإن يكن سيدكم فقد أغضبتم ربكم)" انتهى . " أحكام أهل الذمة " ( 3 / 1322 ) . 
*وقال الشيخ حمود التويجري رحمه الله :
"ولا يجوز وصف أعداء الله تعالى بصفات الإجلال والتعظيم كالسيد ، والعبقري ، والسامي ونحو ذلك ، لما رواه أبو داود والنسائي والبخاري في الأدب المفرد عن بريدة رضي الله عنه عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (لاَ تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدٌ ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ) . رواه أبو داود ( 4977 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود )وقد قلَّت المبالاة بشأن هذا الحديث الشريف ، حتى صار إطلاق اسم " السيد " ونحوه على كبراء الكفار ، والمنافقين ، مألوفاً عند كثير من المسلمين في هذه الأزمان ، ومثل السيد " المستر " باللغة الإفرنجية ، وأشد الناس مخالفة لهذا الحديث : أهل الإذاعات ؛ لأنهم يجعلون كل مَن يستمع إلى إذاعاتهم من أصناف الكفار ، والمنافقين ، سادة ، وسواء عندهم في ذلك الكبير ، والصغير ، والشريف ، والوضيع ، والذكر ، والأنثى ، بل الإناث هن المقدمات عندهم في المخاطبة بالسيادة ، وفي الكثير من الأمور خلافاً لما شرعه الله من تأخيرهن . وبعض أهل الأمصار يسمُّون جميع نسائهم : " سيدات " ، وسواء عندهم في ذلك المسلمة ، والكافرة ، والمنافقة ، والصالحة ، والطالحة .ويلي أهل الإذاعات في شدة المخالفة لحديث بريدة رضي الله عنه : أهل الجرائد ، والمجلات ، وما شابهها من الكتب العصرية ؛ لأنهم لا يرون بموالاة أعداء الله ، وموادتهم ، وتعظيمهم بأساً ، ولا يرون للحب في الله ، والبغض في الله ، والموالاة فيه ، والمعاداة فيه : قدراً ، وشأناً . " تحفة الإخوان بما جاء في الموالاة والمعاداة والحب والبغض والهجران " .ولا حرج من مناداة الكفار بأسمائهم أو "القرابة" – كما في قوله صلى الله عليه وسلم لعمِّه أبي طالب "يَا عَمُّ" - ، أو "المسمَّى الوظيفي" – كـ "رئيس الجامعة" ، أو "عميد الكلية" ، كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم هرقل بـ " عظيم الروم " - ، وغيرها من الأوصاف المباح مناداته بها .ثم ينبغي التنبيه إلى أن هذه الأحكام التي قررناها هي الأصل الذي يطالب به المسلم ، ولكن قد يختلف الأمر باختلاف المصلحة المترتبة على مناداة الكافر بما قد يفهم منه تعظيمه ، أو المفسدة المترتبة على عدم ذلك ، فقد يكون الشخص قريباً جداً من الإسلام فمثل هذا لا بأس بتأليفه على الإسلام ويتسامح في حقه ما لا يتسامح في حق من عرف بالغلظة والشدة على المسلمين .
*وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله :
"ومدار هذا الباب وغيره مما تقدم على المصلحة الراجحة ، فإن كان في كنيته وتمكينه من اللباس وترك الغيار [يعني : عدم تغير أسمائهم ولباسهم إذا تسموا بأسماء المسلمين ولبسوا لباسهم] والسلام عليه أيضاً ونحو ذلك تأليفاً له ورجاء إسلامه وإسلام غيره كان فعله أولى ، كما يعطيه من مال الله لتألفه على الإسلام ، فتألفه بذلك أولى .
وقد ذكر وكيع عن ابن عباس أنه كتب إلى رجل من أهل الكتاب : سلام عليك . ومَن تأمَّل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في تأليفهم الناس على الإسلام بكل طريق : تبيَّن له حقيقة الأمر ، وعلِم أن كثيراً مِن هذه الأحكام التي ذكرناها - من الغيار ، وغيره - تختلف باختلاف الزمان ، والمكان ، والعجز ، والقدرة ، والمصلحة ، والمفسدة .ولهذا لم يغيرهم النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر رضي الله عنه ، وغيرهم عمر رضي الله عنه .والنبي صلى الله عليه وسلم قال لأسقف نجران : أسلم أبا الحارث ، تأليفاً له واستدعاء لإسلامه ، ولا تعظيماً له وتوقيراً" انتهى "أحكام أهل الذمة" (2/524) . والله أعلم الإسلام سؤال وجواب"للشيخ محمد صالح المنجد حفظه الله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق